للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عماد الخيف قد علمت معدّ ... وإنّ البيت يرفع بالعماد

له داع بمكّة مشمعلّ ... وآخر فوق دارته ينادى

إلى ردح من الشّيزى ملاء ... لباب البرّ يلبك بالشّهاد

وكان سبب قول أميّة بن أبى الصلت هذا الشعر أنّ عبد الله بن جدعان وفد على كسرى فأكل عنده الفالوذ؛ فسأل عنه فقيل له: هذا الفالوذ. قال: وبم يصنع؟

قيل: لباب البرّ يلبك مع عسل النحل. قال: أبغونى غلاما يصنعه؛ فأتوه بغلام يصنعه فابتاعه، ثم قدم به مكة؛ فأمره أن يصنع الفالوذ ففعل، ثم وضع الموائد من الأبطح إلى باب المسجد، ثم نادى مناديه: ألا من أراد الفالوذ فليحضر، فحضره الناس. وكان فيمن حضر أميّة بن أبى الصلت فقال الأبيات. وقال فيه أيضا:

ذكر ابن جدعان بخي ... ر كلّما ذكر الكرام

من لا يخون ولا يعقّ ... ولا يبخّله الأنام

يهب النجيبة والنجي ... ب له الرّحالة والزّمام

وابن جدعان ممن ترك شرب الخمر فى الجاهليّة، وقد تقدّم ذكره. وهجاه دريد ابن الصّمّة بشعر؛ فلقيه بعد ذلك عبد الله بسوق عكاظ، فحيّاه وقال: هل تعرفنى يا دريد؟ قال لا. قال: فلم هجوتنى؟ قال: ومن أنت؟ قال: عبد الله بن جدعان. قال: هجوتك لأنك كنت أثرا كريما فأحببت أن أضع شعرى موضعه.

فقال له عبد الله: لئن كنت هجوت لقد مدحت؛ وكساه وحمله على ناقة برحلها، فقال دريد:

إليك ابن جدعان أعملتها ... مخفّفة للسّرى والنّصب

فلا خفض حتى تلاقى امرأ ... جواد الرّضا وحليم الغضب

وجلدا إذا الحرب مرّت به ... يعين عليها بجزل الحطب