الدخول. فقالوا له: ماذا تختار: الخنق أم السيف؟ فاختار السيف فقالوا: إن الملوك لا تقتل بالسيف، والخنق أهون عليك، فقال: شأنكم وما تريدون. فخنقوه وخرجوا من عنده حتى يبرد ثم يدخلوا عليه فيقطعوا رأسه. فلما دخلوا عليه وجدوه قد أفاق وجلس، فضربوا عنقه. هذا ما نقله شهاب الدين المنشى فى سبب قتله.
وقال غيره من المؤرخين: إن سبب خلاف شرف الملك على السلطان وانضمام الناس إليه أن جلال الدين ظهر منه فى هذه السنة- وهى سنة ثمان وعشرين وستمائة- نقائص وأمور دلت على نقص عقله، وأوجبت انحراف وزيره وعساكره عنه. فمنها أنه كان له خادم خصى يسمى قلج، وكان جلال الدين يحبه، فمات فأظهر عليه من الهلع والجزع ما لم يسمع بمثله، ولا نقل عن مجنون ليلى ولا غيره من جهال العرب، الذين ضرب بهم المثل، وأمر الجند والأمراء أن يمشوا فى جنازته رجّاله. وكان موته بموضع بينه وبين تبريز عدة فراسخ فمشى الناس كما أمرهم، ومشى هو بعض الطريق راجلا، فألزمه وزيره وأمراؤه بالركوب، وأرسل إلى أهل تبريز أن يتلقوا الجنازة فتلقوها، فأنكر عليهم لتأخرهم وكونهم ما تقدموا الموضع الذى لقوها فيه، وكونهم لم يظهروا من الحزن والبكاء أكثر مما أظهروا، وقصد معاقبتهم على ذلك، فشفع فيهم الأمراء فتركهم ولم يدفن الخادم، وكان يستصحبه معه أين سار وهو يلطم ويبكى، وامتنع من الأكل والشرب. وكان إذا اقدم له طعام يقول: احملوا من هذا إلى قلج، فيحملونه ويعودون فيقولون: هو يقبل الأرض ويقول: إننى الآن أصلح مما كنت، ولا يتجاسر أحد يقول: إنه مات،