وسير الأمير ركن الدين إياجى لإحضار العسكر الشامى كله، فتكامل الناس عنده فى مرج برغوث، فى بكرة نهار الثلاثاء الحادى والعشرين من شهر ربيع، وركب وساق فوصل جسر يعقوب عشية النهار، وساق فأصبح الصبح وهو بأول المرج.
وكان قد سير إلى الأمير جمال الدين الشمسى مقدم عسكر عين جالوت، والأمير علاء الدين أيدغدى مقدم عسكر صفد بالإغارة فى ثانى وعشرينه، وأنهم ينهزمون قدام الفرنج. فخرج جماعة من الفرنج مقدمهم كندلوفير «١» المسمى زيتون، وفيهم أقارب الريدراكون وغيرهم، ودخل السلطان الكمين. فعند ما خرج الفرنج لقتال العسكر الصفدى تقدم الأمير عز الدين إيغان الركنى، وبعده الأمير جمال الدين الحاجبى، ومعهما أمراء الشام. وساق قدام السلطان الأمير شمس الدين أيتمش السعدى، والأمير علاء الدين كتدغدى الظاهرى أمير مجلس ومعهما مقدموا الحلقة. وقاتل الأمراء الشاميون أحسن قتال، وأمسك الأمير عز الدين إيغان فارسا اسمه ريمون «٢» دكوك. وأما السلطان ومن كان قدامه من الأمراء، فما وصلوا إلى الأمراء المتقدمين إلا والعدو قد انكسر فلم يحصل لهم اختلاط.
وكان القتال شديدا تماسكوا فيه بالأيدى، وأكمن زيتون فجال العسكر بينهم وأخذوا عليه وعلى أكابر الفرنج حلقة وقتل أخو زيتون، وابن أخت الريدراكون، وجماعة من الخيالة، ونائب فرنسيس «٣» بعكا، ولم يعدم من عسكر الإسلام إلا الأمير فخر الدين الطونبا الفائزى. وعاد السلطان ورءوس القتلى بين يديه إلى صفد، وتوجه منها إلى دمشق، فدخلها فى يوم الأحد سادس وعشرين الشهر، والأسرى والرءوس بين يديه.