وكتب إلى أهلها يقول «إننى قد اخترت لكم فلانا وهو منكم لتطمئنّ قلوبكم إليه وأعفيتكم ممّن تكرهون من عمّالنا وموالينا، ولتعرفوا جميل رأينا فيكم» ومضى عمروس ودخل طليطلة فأنس أهلها به واطمأنوا إليه وأحسن/ عشرتهم.
وكان أول ما احتال به عليهم أن أظهر موافقتهم على بغض بنى أمية وخلع طاعتهم، فمالوا إليه ووثقوا به ورضوا بفعله ثم قال لهم: إن سبب الشرّ بينكم وبين أصحاب الأمراء اختلاطهم بكم، وقد رأيت أن أبنى بناء أعتزل فيه أنا وأصحاب السلطان رفقا بكم! فأجابوه إلى ذلك، فبنى فى وسط البلد ما أراد.
فلما مضى لذلك مدة كتب الحكم إلى عامل له على الثغر الأعلى سرّا يأمره أن يرسل إليه يستغيث من جيوش الكفرة، وطلب النجدة والعساكر، ففعل ذلك، فحشد الحكم الجيوش واستعمل عليهم ابنه عبد الرحمن، وجهّز معه القواد والوزراء، فسار الجيش حتى اجتاز مدينة طليطلة فلم يتعرض عبد الرحمن لدخوله إليها. وأتاه وهو عندها خبر العامل على الثغر الأعلى يقول «إن عساكر الكفرة قد تفرّقت وكفى الله شرّها» فوقف العسكر وعزم عبد الرحمن على العود إلى قرطبة فقال عمروس عند ذلك لأهل طليطلة: قد ترون نزول ولد الحكم إلى جانبى، وأنه يلزمنى الخروج إليه وقضاء حقّه، فإن نشطتم إلى ذلك وإلا سرت إليه وحدى! فقالوا: بل نكون معك.
فخرج ومعه وجوه أهل طليطلة فأكرمهم عبد الرحمن وأحسن إليهم، وكان الحكم قد أرسل مع ولده خادما له ومعه كتاب لطيف