للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزّى! وانّما شبعتم منذ سنتين [١] ، وتالله لو فعلتم ذلك على رأس المائتين لاستبدلت بكم غيركم. فاعتذروا بالسلاح. ودخل عمر الجابية وعمرو وشرحبيل لم يقدما عليه، فبينما عمر بالجابية إذ فزع الناس إلى السّلاح. فقال: ما شانكم؟ قالوا: ألا ترى إلى الخيول والسّيوف! فنظر فإذا كردوسة [٢] ، فقال: مستأمنة فلا تراعوا، فإذا هم أهل إيلياء يصالحونه على الجزية، وكان الّذى صالحه العوّام، لأن أرطبون والتّذارق دخلا مصر لمّا بلغهما مقدم عمر.

وأخذوا كتابه على إيلياء وحيّزها، والرّملة وحيّزها. وجعل عمر رضى الله عنه علقمة بن حكيم على نصف فلسطين، وأسكنه الرّملة، وجعل علقمة بن مجزّز على نصفها الآخر، وأسكنه إيلياء، وضمّ عمرو بن العاص وشرحبيل إليه بالجابية، فلقياه راكبا، فقبّلا ركبته، فضمّ كلّ واحد منهما محتضنا [٣] ، ثم سار إلى البيت المقدس وركب فرسه، فرأى به عرجا، فنزل عنه، وأتى ببرذون فركبه، فجعل يتجلجل به، فنزل وضرب وجهه وقال:

لا أعلم من علّمك هذه الخيلاء؟ ثم لم يركب برذونا بعده، ولا كان ركبه قبله، وفتحت إيلياء على يديه، ولحق أرطبون ومن أبى الصلح بمصر، فلما ملكها المسلمون قتل. وقيل: بل لحق بالرّوم، فكان على صوائفهم، والتقى هو وصاحب صائفة [٤]


[١] ك: «سنتان» .
[٢] الكردوسة: القطعة من الخيل، وفى ك وابن الأثير: «كردوس» .
[٣] ابن الأثير: «محتضنهما» .
[٤] الصائفة: غزوة الروم لأنهم كانوا يغزون صيفا لمكان البرد والثلج من الروم.