وحكى عماد الدين بن شدّاد- فى سبب خلاص الملك الصالح- أن الملك العادل كان قد حلّف الناصر، وحلف له على الاتفاق واجتماع الكلمة على قتال الملك الصالح، وأن تكون دمشق إذا فتحت للملك الناصر.
فلما اتفق هجوم الملك الصالح إسماعيل على دمشق، وأخذها، أرسل إليه الملك العادل يصوّب رأيه، ويشكر فعله. فعظم ذلك على الملك الناصر، وكان سبب خلاص الملك الصالح.
وحكى أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزى، فى كتابه:«مرآة الزمان» أن الملك الصالح نجم الدين أيوب أخبره- بعد أن ملك الديار المصرية- قال: حلّفنى الناصر على أشياء، ما يقدر عليها ملوك الأرض، وهو أن آخذ له دمشق، وحمص، وحماه وحلب، والجزيرة والموصل وديار بكر، وغيرها، وأن يكون له نصف الديار المصرية، ونصف ما فى الخزائن: من الأموال والجواهر والخيول والثياب وغيرها. فحلفت من تحت القهر والسيف.
وقد شاهدت أنا بعض نسخة اليمين عند المولى الملك العزيز: فخر الدين عثمان، بن الملك المغيث فتح الدين عمر- صاحب الكرك- كان بالقاهرة- وفيها أشياء كثيرة من هذا النّوع، وإلزامات، يعلم المستحلف العاقل أن الحالف لا يفى بها، لكثرتها وخروجها عن حد القدرة البشرية، وأن النفوس لا تسمح بها لوالد مشفق، ولا ولد بارّ، فكيف لابن عمّ عدوّ.