وقالوا له: مرنا بأمرك، فأمرهم بقتل عبدان، وعرّفهم أنه نافق وعصى وخرج عن الملّة، فساروا إليه من ليلتهم وبيّتوه فقتلوه، وكان زكرويه هذا من تحت يد عبدان، وعبدان هو الذى أقامه داعية فلما شاع في الناس أنّ زكرويه قتل عبدان طلبه الدعاة والقرامطة ليقتلوه فاستتر، وخالفه القوم بأسرهم إلا أهل دعوته، وخاف على نفسه، ولم يتم له أمره الذى دبّره، فقال لابن اللعين: قد ترى ما حدث، ولا آمن عليك وعلى نفسى، فارجع إلى بلدك ودعنى، فإنى أرجو أن يتغيّر الأمر، فأتمكّن من الناس وأدعوهم إليك، فإذا تمكّنت من ذلك أرسلت إليك لتصير «١» إلىّ، فانصرف إلى الطالقان واستتر زكرويه وتنقّل في القرى، وذلك في سنة ست وثمانين ومائتين، والقرامطة تطلبه وأصحاب عبدان يرصدونه، وكان قد اتّخذ مطمورة تحت الأرض على بابها صخرة، فإذا دخل قوم إلى القرية في طلبة قامت امرأة في الدار التى هو فيها إلى تنّور ينقل، فوضعته بقرب الصخرة ثم أشعلت النار، وأرت أنها تريد أن تخبز، فيخفى أمره على من يطلبه، فمكث كذلك سنة ست وسنة سبع وثمانين ومائتين فلما رأى انحراف أهل السواد عنه «٢» إلا أهل دعوته وطال أمره، أنفذ ابنه الحسن في سنة ثمان وثمانين ومائتين إلى الشام، وكان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى بعد ذكرنا لأخبار أبى سعيد الجنّابى.