سعيد المسمى بعبيد الله من سلمية إلى المغرب، وتلقّب بالمهدى فصار هو الإمام، وانتسب إلى أنّه من ولد إسماعيل بن جعفر، فنقلوا الدعوة إليه، وكان القول في المبدأ: أن محمد بن إسماعيل حىّ لم يمت، وأنّه يظهر في آخر الزمان وأنه مهدىّ الأمّة.
قال: ولم يكن غرض هذا المحتال أن يرفع محمد بن إسماعيل، ولا يأخذ له بيعة، إنّما جعله بابا يستغل به عقل من يدخل فيه «١» ويتبيّن له أنّه قد تمكّن من خديعته وبلغ المراد منه، شيعيا كان أو سنيّا.
قال: ولما أظهر اللعين ما أظهر من هذه الأقوال كلها، بعد تعلقه بذكر الأئمة والرسل والحجّة والإمام، وأنّه المعوّل والقصد والمراد، وبه اتّسقت هذه الأمور ولولا هو لهلك الحق وعدم الهدى والعلم، وظهر في كثير منهم الفجور، وبسط بعضهم أيديهم بسفك الدماء، وقتل جماعة ممّن أظهر خلافا لهم، فخافهم الناس جدا واستوحشوا من ظهور السلاح بينهم، فأظهر موافقتهم كثير من مجاوريهم، مقاربة لهم وجزعا منهم.
ثم إنّ الدعاة اجتمعوا واتّفقوا على أن يجعلوا لهم موضعا، يكون وطنا ودار هجرة يهاجرون إليها ويجتمعون بها، فاختاروا من سواد الكوفة في طسّوج الفرات- من ضياع السلطان المعروفة بالقاسميّات، قرية تعرف بمهيماباذ، فنقلوا إليها صخرا عظيما، وبنوا حولها سورا منيعا عرضه ثمانية أذرع، وجعلوا من ورائه خندقا عظيما، وفرغوا من