للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن محمدا عبده ورسوله، وإلى أن تأوونى وتنصرونى، فإنّ قريشا قد ظاهرت على أمر الله، وكذبت رسله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغنىّ الحميد» .

فقال مفروق بن عمرو: وإلام تدعونا يا أخا قريش؟ فو الله ما سمعت كلاما أحسن من هذا، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ)

إلى قوله: (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

«١» ، فقال مفروق: وإلام تدعونا يا أخا قريش؟

فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض، قال: فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ)

، إلى قوله: (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

، «٢» فقال مفروق:

دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ولقد أفك «٣» قوم كذبوك وظاهروا «٤» عليك- وكأنه أحب أن يشركه فى الكلام هانئ بن قبيصة فقال:

وهذا هانئ شيخنا وصاحب ديننا. قال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وإنى أرى إن تركنا ديننا واتبعناك على دينك بمجلس جلسته إلينا ليس له أوّل ولا آخر، إنه زلل فى الرأى، وقلة نظر فى العاقبة، وإنما تكون الزلّة مع العجلة، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا، ولكن ترجع ونرجع، وتنظر وننظر فى العاقبة، وكأنه أحب أن يشركه المثنى بن حارثة، فقال: وهذا المثنّى شيخنا وصاحب حربنا، فقال المثنّى: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة فى تركنا ديننا، ومشايعتك على دينك، وإنا إنما نزلنا بين صيرين «٥» : اليمامة والسّمامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هذان الصّيران» ؟. فقال: أنهار كسرى ومياه العرب، فأمّا ما كان من أنهار كسرى؛ فذنب صاحبه غير مغفور، وعذره