للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وهذا الشعر لمراد جارية علىّ بن هشام ترثيه- فقال: اعدلى عن هذا الصوت؛ فغنيّت:

ذهبت عن الدنيا وقد ذهبت عنّى

فدمعت عيناه وقال: غنّى غير هذا؛ فغنيّت:

أولئك قومى بعد عزّ وثروة [١] ... تفانوا فإلّا تذرف العين أكمد

فبكى بكاء شديدا، ثم قال: ويحك! لا تغنّى فى هذا المعنى شيئا. فغنيّته:

لا تأمن الموت فى حلّ وفى حرم ... إنّ المنايا بجنبى [٢] كلّ إنسان

واسلك طريقك هونا غير مكترث ... فسوف يأتيك ما يمنى لك المانى

فقال: والله إنى لأعلم أنك إنما أردت بما غنيّت ما فى قلبك لصاحبك [وأنّك] لم تريدينى، ولو أعلم أنك تريديننى لقتلتك، ولكن خذوها! فأخذوا بيدى فأخرجت.

وهذه متيّم هى التى كان يهواها عبد الصمد بن المعذّل، وأظنّ ذلك قبل اتصالها بعلىّ بن هشام، وهى إذ ذاك عند رجل من وجوه البصرة.

قال: وكانت لا تخرج إلا متنقّبة. فحكى المبرّد وغيره: أنها قدمت يوما إلى ابن عبيد الله بن الحسين العنبرىّ القاضى، فآحتاج إلى أن يشهد عليها، فأمر بها أن تسفر ففعلت. فقيل لعبد الصمد: لو رأيت متيّم وقد أسفرها القاضى لرأيت شيئا عجيبا! فقال:

ولمّا سرت عنها القناع متيّم ... تروّح منها العنبرىّ متيّما

رأى ابن عبيد الله وهو محكّم ... عليها لها طرفا عليه محكّما


[١] فى الأغانى: «ومنعة» .
[٢] فى الأغانى: «تغشى» .