للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتبت بهما فى رقعة ورميتها إلى متيّم؛ فأخذتها ونهضت لصلاة الظهر، ثم عادت وقد صنعت فيه لحنا فغنّته. فقالت شاهك: ما أرانا إلا قد ثقّلنا عليكم اليوم؛ وأمرت الجوارى فحملوا محفّتها، وأمرت للجوارى بجوائز ساوت بينهن، وأمرت لمتيّم بمائة ألف درهم.

قال: ومرّت متيّم فى نسوة وهى متخفّية بقصر على بن هشام بعد أن قتله المأمون. فلما رأت بابه مغلقا لا أنيس به وقد علاه التراب والغبرة وطرحت فى أفنيته المزابل وقفت عليه وتمثّلت:

يا منزلا لم تبل أطلاله ... حاشى لأطلالك أن تبلى

لم أبك أطلالك لكنّنى ... بكيت عيشى فيك إذ ولّى

قد كان لى فيك هوى مرّة ... غيّبه الترب وما ملّا

فصرت أبكى بعده جاهدا [١] ... عند ادّكارى حيث قد حلّا

والعيش أولى ما بكاه الفتى ... لا بدّ للمحزون أن يسلى

قال: ثم بكت حتى سقطت من قامتها، وجعل النسوة يناشدنها [ويقلن [٢]] :

الله الله فى نفسك! فإنك الآن تؤخذين. فبعد لأى مّا احتملت تتهادى بين امرأتين حتى جاوزت الموضع.

وحكى عنها قالت: بعث إلىّ المعتصم بعد قدومه بغداد؛ فلما دخلت أمر بالعود فوضع فى حجرى، وأمرنى بالغناء فغنّيت:

هل مسعد لبكائى ... بعبرة أو دماء

وذاك شىء قليل ... لسادتى النّجباء


[١] فى الأغانى: «فصرت أبكى جاهدا فقده» .
[٢] زيادة عن «الأغانى» .