الأيام الناصرية. قال «١» : فلما أنتهيا إلى ذلك المكان، مسك الصاحب بدر الدين بيدرا، نائب السلطنة، وأشار إليه بالرجوع. قال: وسمعت الصاحب يقول له:
«بسم الله يا أمير بدر الدين» ، لم يزده على ذلك، وهذا أمر لم يسمع بمثله «٢» .
والذى شاهدته أنا، غير مرة ولا مرّتين، أن الصاحب كان إذا أراد الركوب إلى القلعة، اجتمع ببابه «٣» نظار النظار وشاد الدواوين ووالى القاهرة ووالى مصر، ومستوفى «٤» الدولة، ونظار الجهات، ومشدى «٥» المعاملات؛ وغير هؤلاء من الأعيان.
ثم يحضر قضاة القضاء الأربعة ومن يتبعهم. فإذا اجتمع هؤلاء كلهم ببابه، عرّفه حجّابه أن الموكب قد كمل. وكان كمال الموكب عندهم، حضور قضاة القضاة الأربعة، فيخرج عند ذلك، ويركب ويسوق الناس بين يديه على طبقاتهم.
فيكون أقرب الناس إليه، قاضى القضاة الشافعية، وقاضى القضاة المالكية «٦» ، يكونان أمامه. وأمامهما قاضيا القضاة الحنفية والحنبلية «٧» ؛ ثم نظار النظار والأعيان، ومستوفى «٨» الدولة، ونظار الجهات على قدر مراتبهم. ويستمر القضاة معه، إلى أن يستقر فى المجلس. فينصرفون ثم يعودون عشية النهار إلى القلعة، ويركبون فى موكبه بين يديه إلى أن يصل إلى داره؛ حتى إنه تأخر ليلة بالقلعة إلى قرب