فجعلوا يسيرون وموسى أمامهم وهارون وراءهم، وجعل الله بينهم فتحا ليرى بعضهم بعضا، وجاء فرعون ومن معه إلى البحر ورأى تلك الطرق فيه، فقال لهامان:
هذه تفرّقت من هيبتى. وقصد الافتحام فلم يطاوعه فرسه- وكان حصانا- ونفر من العبور؛ فأتاه جبريل على رمكة فى صورة آدمىّ، فدنا من فرعون وقال:
ما يمنعك من العبور؟ وتقدّم إلى جنبه، فاشتمّ فرس فرعون رائحة الرّمكة فتبعها ودخل فرعون وجنوده وجبريل أمامهم وميكائيل يسوق الناس، حتى لم يبق من جنود فرعون أحد على الساحل، فجاءه جبريل بخطّه؛ فلما رآه فرعون علم أنه هالك وانضمّت الطرق، وأغرق الناس، وفرعون ينظر إليهم؛ قال الله تعالى: حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
. فقال له جبريل: الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين.
ثم غرق فرعون وجميع من معه وبنو إسرائيل ينظرون إليهم؛ ثم قال:
بنو إسرائيل: إنّ فرعون لم يغرق. فأمر الله تعالى البحر فألقاه على الساحل.
قال الله تعالى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً.
قال: فلمّا عبر موسى البحر ببنى إسرائيل إلى الطّور، إذا هم فى طريقهم بقوم يعبدون الأصنام، قال الله تعالى: وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ* إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.
ثم قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضّلكم على العالمين، وذكّرهم بنعم الله تعالى عليهم، وأمرهم بالتوبة والاستغفار؛ ثم ساروا وفى قلوبهم حبّ الأصنام حتى قربوا من الطّور.