فسار إلى الموفّق فوصل إليه في ثالث شهر المحرّم سنة سبعين ومائتين فى جيش عظيم، فأكرمه الموفّق وأنزله وخلع عليه وعلى أصحابه ووصلهم وأحسن إليهم، وأمر لهم بالأرزاق على قدر مراتبهم، وأضعف ما كان لهم.
ثم تقدّم إلى لؤلؤ بالتأهب لحرب الزنج، وكان صاحب الزنج، لمّا غلب على نهر أبى الخصيب وقطعت القناطر والجسور التى عليه، أحدث سكرا في النهر من جانبيه، وجعل في وسط النهر بابا ضيّقا لتحتد جرية الماء فيه فيمتنع الشذا من دخوله في الجزر، ويتعذّر خروجها منه في المدّ، فرأى الموفّق أنّ حربة لا يتهيّأ إلا بقلع هذا السكر، وحاول ذلك فاشتدت محاماة الزنج عليه، وجعلوا يزيدون كل يوم، فيه، فشرع الموفّق في محاربتهم بفريق بعد فريق من أصحاب لؤلؤ، ليتمرّنوا على قتالهم ويقفوا على المسالك والطرق في مدينتهم، وأمر لؤلؤا أن يحضر في جماعة من أصحابه للحرب على هذا السكر ففعل، فرأى الموفّق من شجاعتهم وإقدامهم ما سرّه، فأمر لؤلؤا بصرفهم إشفاقا عليهم ووصلهم وأحسن إليهم، وألحّ الموفّق على هذا السكر، فكان يحارب والفعلة يعملون في قلعه، واستأمن إليه جماعة، وكان قد بقى لصاحب الزنج وأصحابه أرضين بناحية النهر الغربى، لهم فيها مزارع وحصون وقنطرتان وبه جماعة يحفظونه، فسار إليهم أبو العباس وفرّق أصحابه من جهاتهم، وجعل كمناء، ثم أوقع بهم فانهزموا فما قصدوا جهة إلا خرج عليهم من يقاتلهم فيها، فقتلوا لم يسلم منهم إلا الشريد، وأخذوا من أسلحتهم ما أثقلهم حمله، وقطع