ووصلت رسل الفرنج إلى السلطان وهو على صفد، وتحدثوا معه فى أمر بلادهم، وأجابوا إلى ما قاله من مناصفة صيدا وهدم الشقيف. ثم أغار على عكا على ما نذكره إن شاء الله، ولم ينتظم أمر الصلح.
ثم حضرت رسل سيس ورسل بيروت «١» ومعهم جماعة من أسرى المسلمين، وردوا مال التجار.
وفيها: توفى القاضى صدر الدين موهوب بن عمر بن إبراهيم الجزرى الشافعى «٢» وهو الذى كان ينوب عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام بمصر، وولى القضاء بعده كما قدمنا ذكر ذلك، وكان فاضلا عالما بمذهب الشافعى ومشاركا فى غيره من العلوم. وكان فى مبدأ أمره على قضاء جزيرة ابن عمر. وكان كثير المال مرزوقا فى التجارة، فاكتسب مالا جزيلا فمد صاحب الجزيرة عينه إلى أمواله وقصد أخذها، فبلغه ذلك، فأرسل أكثر أمواله إلى مصر والشام صحبة التجار ثم هرب واختفى، ووصل إلى الشام ثم إلى الديار المصرية. ولما ولى الصاحب بهاء الدين الوزارة قصد أذاه فخافه خوفا شديدا.
حكى عنه أنه قال: لما خفت الصاحب بهاء الدين رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام فسألنى عن حالى فقلت: يا رسول الله، إنى خائف من الصاحب فقال لى: لا تخف منه وقل له بأمارة كذا وكذا لا تؤذنى، فإن رسول الله قد شفع فى عندك، قال: فانتبهت فرحا بمقابلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما صليت