وحسرة، ولم يزل بنفسه يجتهد ويجاهد حتى عوض عن الكنائس بالجوامع والبيع بالمساجد، وبدل الكفر بالإيمان، والناقوس بالأذان، والإنجيل بالقرآن ووقف بنفسه التى هى أعز النفوس حتى حمل تراب خنادقها وحجارتها منه ومن خواصه على الرءوس، سلطان الإسلام والمسلمين ومسترد صوال الدين، مبيد التتار، فاتح القلاع والحصون والأمصار، وارث الملك، سلطان العرب والعجم والترك، إسكندر الزمان، صاحب القرآن أبو الفتح بيبرس قسيم أمير المؤمنين، خلد الله سلطانه، فمن صارت إليه هذه القلعة من ملوك الإسلام، ومن سكنها من المجاهدين المثاغرين على الدوام فليجعل لهذا السلطان فاتحها ومجددها نصيبا من أجره، ولا يخله «١» من الرحمة فى سره وجهره فى طول عمره، فإنه جعلها دار يمن وأمان، بعد أن كانت دار كفر وطغيان، وصار يقال عمر الله سرحها، بعد أن كان يقال عجل الله فتحها، والعاقبة للمؤمنين إلى يوم الدين «٢» .»
ولما كملت العمارة طلع السلطان إلى القلعة فرأى بالبرج صنما كبيرا كان الفرنج يقولون إن القلعة فى خفارته ويسمونه أبا جرج، فأمر بقلعه وتكسيره، وعمر مكانه محرابا.
ورسم بتجديد عمارة حرم الخليل، وكتب بذلك إلى دمشق، وتوجه الأمير جمال الدين بن نهار لذلك، فجدد الأخشاب والمقاصير والأبواب، ودهن ما يحتاج منها إلى الدهان، وجددت الضرائح المقدسة.