للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الدنيا والآخرة، وإن تردّوه علىّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم» .

قالوا: فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربّك إن شاء فعل، فإنّا لا نؤمن لك إلّا أن تفعل. فقال صلى الله عليه وسلم: «ذلك إلى الله، إن شاء يفعله بكم فعل» قالوا: يا محمد، أفما علم ربّك أنّا سنجلس معك ونسألك عمّا سألناك عنه ونطلب، فيتقدّم إليك فيعلمك ما تراجعنا به، ويخبرك بما هو صانع فى ذلك بنا، إذا لم نقبل منك ما جئتنا به؟ إنه قد بلغنا أنك إنما يعلّمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا، فقد أعذرنا إليك يا محمد، وإنا والله لا نتركك وما بلغت منّا حتى نهلكك أو تهلكنا. وقال قائلهم: نحن نعبد الملائكة، وهى بنات الله. وقال قائلهم: لن نؤمن لك حتى تأتى بالله والملائكة قبيلا؛ فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قام عنهم وقام معه عبد الله بن أبى أميّة بن المغيرة- وهو ابن عمّته- فقال له: يا محمد، عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول، ويصدّقوك ويتّبعوك فلم تفعل، ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم، ومنزلتك من الله فلم تفعل، ثم سألوك أن تعجّل لهم بعض ما تخوّفهم به من العذاب فلم تفعل- أو كما قال له- فو الله لا أو من بك أبدا حتى تتّخذ إلى السماء سلّما، ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها، ثم تأتى معك بصكّ، ومعك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وايم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أنى أصدّقك؛ ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا أسفا لما فاته ممّا كان يطمع به من قومه حين دعوه «١» .