للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخنقوه، وعلقوه بسلبة بعد أن أغلقوا بينه وبين نسائه بابا، وأغلق باب الدار من داخله وتوجه القوم فعرّفت ولده الحال، وقررت معه أن يقول فى بكرة النهار إذا طلب: إنه تخاصم مع أبيه وخرج من عنده، وأنه حرج منه، ففعل ذلك بنفسه، قال: فلما كان من بكرة النهار توجه المتولى وابن موسك إلى باب دار كريم الدين، وطرقوا الباب، فلم يجبهم أحد، فتوجه المتولى إلى دار قاضى البلد، وهو القاضى شرف الدين شعيب بن القاضى جمال الدين يوسف السيوطى [١] وهو يصرخ ويقول: هرب كريم الدين، والله لئن تم هربه لأشنقن بنى الكنز، وأخذ القاضى وجماعة من العدول وحضروا إلى الدار، وكسروا الباب، ودخلوا الدار، فوجدوا كريم الدين مشنوقا، فأخبر القاضى شرف الدين المذكور حاكم الثغر بأنه وجد فى عنقه سلبة ليف كانت وشيجة [٢] لفرس، وعليها آثار زبل الدواب، وطلب ولده، وسئل عن خبره، فقال ما لقّنه؛ أنه تخاصم معه بالأمس وخرج من عنده، وقد أغضبه، فكأنه وجد [٣] فى نفسه من ذلك فشنق نفسه، فنظم بذلك مشروح وسير إلى الأبواب السلطانية فى التاريخ المذكور. ودفن بثغر أسوان/ (٣٩) ولما وصل الخبر بوفاته إلى الأبواب السلطانية رسم بطلب ولده من ثغر أسوان، ولما تحقق الناس موته، وعلموا طلب ولده خشى من كان عنده وديعة له أن ولده إذا وصل يعترف عليهم، فظهر من ودائعه جملة عظيمة منها ما أحضره الأمير علاء [٤] الدين على بن هلال الدولة- فيما بلغنى- ذهب مصكوك بثمانية عشر ألف دينار، ومصوغ، وزركش وجوهر قيمته اثنا عشر ألف دينار، أحضر صارم الدين أستاذ دار كريم الدين- وهو الذى كان استاذ دار الأمير علم الدين سنجر الجاولى- صندوقا كبيرا ضمنه من الجواهر والحوايص المجوهرة والفصوص وغير ذلك ما قيمته- فيما قيل- ماية ألف دينار، وقيل أكثر من ذلك.


[١] ترجمته فى الدرر (٢/١٩٤) وذكر أن وفاته كانت فى حدود سنة ٧٣٠ هـ وفى (الطالع السعيد) أن وفاته كانت فى يوم الأحد سابع ربيع الآخر سنة ٧٥٧ هـ.
[٢] الوشيجة: ليف يفتل ثم يشبك بين خشبتين ينقل فيها البر المحصود وغيره (المعجم الوسيط) .
[٣] وجد فى نفسه يعنى حزن.
[٤] علاء الدين على بن هلال الدولة، ولد بشيزر ثم قدم مصر وباشر شد العمارة بها، وتدرج فى عدة مناصب، ثم عاد إلى شيزر ومات بها فى سنة ٧٣٩ هـ. ترجمته فى الدرر (٣/١٣٦) .