للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيّكم لا يبالى أن يكون كشخانا [١] حتى أهبه ذات الخال؟ فبدر حمويه الوصيف فقال:

أنا؛ فوهبها له. ثم اشتاقها الرشيد يوما فقال: ويلك يا حمويه! وهبنا لك الجارية على أن تسمع غناءها وحدك! فقال: يا أمير المؤمنين، مر فيها بأمرك. قال: نحن عندك غدا. فمضى فآستعدّ لذلك واستعار لها من بعض الجوهريين بدنة [٢] وعقودا ثمنها اثنا عشر ألف دينار، فأخرجها إلى الرشيد وهى عليها. فلما رآه أنكره وقال:

ويلك يا حمويه! من أين لك هذا؟! ما ولّيتك عملا تكسب فيه مثله ولا وصل إليك منّى هذا القدر! فصدقه عن أمره، فبعث الرشيد إلى أصحاب الجوهر، فأحضرهم واشترى الجوهر منهم ووهبه لها، وحلف ألّا تسأله فى يومه ذلك حاجة إلّا قضاها؛ فسألته أن يولّى حمويه الحرب والخراج بفارس سبع سنين، ففعل ذلك وكتب له عهده بذلك، وشرط على ولىّ العهد أن يتممها له إن لم تتمّ فى حياته.

قال الأصفهانىّ: ولإبراهيم الموصلىّ فى ذات الخال شعر كثير غنّى فيه.

فمنه قوله:

أذات الخال قد طال ... بمن أسقمته الوجع

وليس إلى سواكم فى الّ ... ذى يلقى له فزع

أما يمنعك الإسلا ... م من قتلى ولا الورع

وما ينفكّ لى فيك ... هوى تغترّه خدع

ومنها:

جزى الله خيرا من كلفت بحبّه ... وليس به إلا التّموّه [١] من حبّى

وقالوا قلوب الغانيات رقيقة ... فما بال ذات الخال قاسية القلب


[١] الكشخان: الديوث.
[٢] البدنة: قميص لا كمين له تلبسه النساء.
[١] فى الأغانى (ج ١٥ ص ٨٣ طبع بولاق) : «اتموّه» .