التوراة يعرفون منها ما عليهم وما لهم، والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان، لا يعرفون جنة ولا نارا، ولا بعثا ولا قيامة، ولا كتابا، ولا حلالا ولا حراما، فإذا وضعت الحرب [أوزارها «١» ] افتدوا أساراهم تصديقا لما فى التوراة وأخذا به، يفتدى بنو قينقاع ما كان من أسراهم فى أيدى الأوس، [و «٢» ] يفتدى بنو النّضير وقريظة ما كان فى أيدى الخزرج منهم، ويطلّون «٣» ما أصابوا من الدماء، وقتلى من قتلوا منهم فيما بينهم، مظاهرة لأهل الشرك عليهم؛ يقول الله تعالى:(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)
«٤» أى تفاديه بحكم التوراة وتقتله، وفى حكم التوراة:
ألا تفعل: [تقتله «٥» ] ، وتخرجه من داره، وتظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان ابتغاء عرض الدنيا. ثم قال:(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ)
أى الآيات التى كانت له من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله، والخبر بكثير من الغيوب مما يأكلون وما يدّخرون فى بيوتهم، ثم ذكر كفرهم بذلك كله، فقال:(أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ)
«٧» ؛ وذلك أنهم كانوا يقولون للأنصار لما كانوا على جاهليتهم: إنّ نبيا يبعث الآن قد أظلّ زمانه، نتبعه، فنقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم اتبعه الأنصار