للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فودّعه ورجع إلى أصحابه فقال: لقد وضعت رجل معاوية فى غرز بعيد [١] الغاية على أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

ورجع المغيرة، فلمّا قدم الكوفة ذاكر من يثق إليه من شيعة معاوية فأجابوا إلى بيعته، فأوفد منهم عشرة، ويقال أكثر، وأعطاهم ثلاثين ألف درهم، وجعل عليهم ابنه موسى، فقدموا على معاوية وزينوا له بيعة يزيد، ودعوه إلى عقدها، فقال: لا تعجلوا بإظهار هذا وكونوا على رأيكم، ثم قال لموسى، بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ قال: بثلاثين ألفا. فقال: لقد هان عليهم دينهم.

وقيل: أرسل أربعين رجلا، وجعل عليهم ابنه عروة بن المغيرة، فلما دخلوا على معاوية قاموا خطباء فقالوا: إنما أشخصنا إليك النظر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقالوا: «يا أمير المؤمنين، كبرت سنّك، وخفنا انتشار الحبل، فانصب لنا علما وحدّ لنا حدّا ننتهى إليه» . فقال أشيروا على. فقالوا: نشير بيزيد بن أمير المؤمنين، فقال: أو قد رضيتموه؟ قالوا: نعم. قال: وذاك رأيكم؟

قالوا: نعم ورأى من وراءنا. فقال معاوية لعروة سرّا عنهم: بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ قال. بأربعمائة دينار. قال: لقد وجد دينهم عندهم رخيصا، وقال لهم: «ننظر ما قدمتم له، ويقضى الله تعالى ما أراد، والأناة خير من العجلة» . فرجعوا وقد قوى عزم معاوية على البيعة ليزيد.


[١] الغرز: ركاب كور الجمل، وهو مثل ركاب السرج للفرس.