للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا إله إلا الله، فقيل من وراء الحجاب: «صدق عبدى، أنا لا إله إلا أنا» . وذكر مثل هذه فى بقيّة الأذان، إلا أنه لم يذكر جوابا عن قوله: حىّ على الصلاة، حىّ على الفلاح، وقال: ثم أخذ الملك بيد محمد فقدّمه، فأمّ أهل السماء فيهم آدم ونوح «١» .

قال القاضى عياض بن موسى رحمه الله: ما فى هذا الحديث من ذكر الحجاب فهو فى حقّ المخلوق لا فى حقّ الخالق، فهم المحجوبون، والبارى جل اسمه منزّه عما يحجبه؛ إذ الحجب إنما تحيط بمقدّر محسوس «٢» ، ولكنّ حجبه على أبصار خلقه وبصائرهم وإدراكاتهم بما شاء وكيف شاء ومتى شاء، كقوله: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)

«٣» . قال: فقوله فى هذا الحديث: «الحجاب» يجب أن يقال: إنه حجاب حجب به من ورائه من ملائكته عن الاطلاع على ما دونه من سلطانه وعظمته، وعجائب ملكوته وجبروته. ويدل عليه من الحديث قول جبريل عن الملك الذى خرج من ورائه: إن هذا الملك ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتى هذه، فدلّ [على «٤» ] أن هذا الحجاب لم يختص بالذات.

ويدل عليه قول كعب فى تفسيره: سدرة المنتهى، قال: إليها ينتهى علم الملائكة، وعندها يجدون أمر الله لا يجاوزها علمهم.

قال: وأما قوله «الذى يلى الرحمن» ، فيحمل على حذف المضاف [أى «٥» ] الذى يلى عرش الرحمن، أو أمرا ما من عظيم آياته، أو مبادئ حقائق معارفه مما هو أعلم به، كما قال تعالى: (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)

«٦» أى أهلها.