للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيض. ويقال: إنه لا يظهر إلّا فى «١» مواضع العفونات والقاذورات، ومبتدأ خلقه منها، ثم يكون من السّفاد.

قال الجاحظ: ويقال: إنّ الذّباب لا يقرب قدرا فيه كمأة.

والذّباب بطئ فى سفاده، وربّما بقى الذّكر على ظهر الأنثى عامّة النّهار؛ فهو يتجاوز فى ذلك البعير والخنزير. وهو من الحيوان الشّمسى لأنه يخفى فى الشتاء ويظهر فى الصيف. وللذّباب يدان زائدتان فى مقدّم يديه يتّقى بهما الأذى عن عينيه فإنهما بغير أجفان.

والعرب تضرب به المثل فى الزّهو فتقول: «أزهى من ذباب» . قالوا: لأنّه يسقط على أنف الملك الجبّار وعلى موق عينيه ويطرده فلا ينطرد. ويضرب به المثل فى القذر واستطابة النّتن. فإذا عجز الذّباب عن شمّ شىء فلا شىء أنتن منه.

وقال ابن عبدل فى محمد بن حسّان بن سعد ورماه بالبخر:

وما يدنو إلى فيه ذباب ... ولو طليت مشافره بقند «٢»

يرين حلاوة ويخفن موتا ... ذعافا إن هممن له بورد

ويقال لكلّ أبخر: أبو ذبّان؛ وكانت من كنى عبد الملك بن مروان.

وقد وصف الشعراء الذّباب؛ فمن ذلك قول عنترة:

جادت عليها كلّ عين ثرّة ... فتركن كلّ حديقة «٣» كالدّرهم

فترى الذّباب بها يغنّى وحده ... هزجا كفعل الشارب المترنّم

غردا يحكّ ذراعه بذراعه ... فعل المكبّ على الزّناد الأجذم