وقال بشر بن الحارث الحافى: لا غيبة لبخيل، ولشرطىّ سخىّ أحبّ إلىّ من عابد بخيل.
وقالوا: البخيل لا يستحقّ اسم الحرّية، فإن ماله يملكه.
ويقال: لا مال للبخيل، وإنما هو لماله.
وقال الحسن البصرىّ: لم أر أشقى بماله من البخيل؛ لأنّه في الدنيا يهتمّ بجمعه، وفي الآخرة يحاسب على منعه، غير آمن في الدنيا من همه، ولا ناج في الآخرة من إثمه، عيشه في الدنيا عيش الفقراء، وحسابه في الآخرة حساب الأغنياء. ودخل رحمه الله على عبد الله بن الأهتم يعوده في مرضه، فرآه يصعّد بصره ويصوّبه الى صندوق في بيته، ثم التفت اليه، فقال: يا أبا سعيد، ما تقول في مائة ألف دينار في هذا الصندوق لم أودّ منها زكاة ولم أصل بها رحما؟ فقال له: ثكلتك أمك! ولم كنت تجمعها؟ قال لروعة الزمان، وجفوة السلطان، وتكاثر العشيرة، ثمّ مات، فشهده الحسن، فلما فرغ من دفنه، ضرب بيده على القبر، ثم قال:
انظروا إلى هذا، أتاه شيطانه فخوّفه روعة زمانه، وجفوة سلطانه، بما استودعه الله إيّاه، وعمّره فيه. انظروا اليه كيف خرج مذموما مدحورا! ثم التفت إلى وارثه، فقال: أيها الوارث لا تخدعنّ كما خدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا لمال حلالا، فلا يكونن عليك وبالا، أتاك عفوا صفوا، ممن كان له جموعا منوعا، من باطل جمعه، ومن حقّ منعه، قطع فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، ولم تكدح لك فيه عين ولم يعرق لك فيه جبين، إن يوم القيامة يوم ذو حسرات، وإن من أعظم الحسرات غدا، أن ترى مالك في ميزان غيرك، فيالها حسرة لا تقال، وتوبة لا تنال.