غضب ربّكم عليكم. فأجمعوا على قتله، وقالوا: إذا قتلناه امتنع عنّا سحره ولا تمكنه الإساءة إلينا. فتقدّم التسعة لقتله عند ما أقبل الليل، فوقف لهم جبريل ورمى كلّ واحد منهم بحجر فقتله.
فلمّا كان من الغد نظرت ثمود إليهم وقد قتلوا، فقالوا: هذا من فعل صالح.
فعزموا على الهجوم عليه وقتله، فأمره الله تعالى بالخروج من المسجد، فجاءوا ليقتلوه فما رأوه، وأصبحوا فى اليوم الثانى وقد أحمرّت وجوههم، وفى اليوم الثالث اسودّت، فأيقنوا بعذاب الله، وحفروا لأنفسهم حفائر، ولأهليهم وأولادهم ولبسوا الأنطاع، وجلسوا فى الحفائر ينتظرون العذاب، وصالح يخوّفهم وينذرهم عذاب الله وهم لا يبالون به.
فلما كان فى اليوم الرابع- وهو صبيحة الأحد- أرسل الله تعالى جبريل فنشر جناح غضبه، وأتاهم بشرارة من نار لظى، وجعل يرميهم منها بجمر متوهّج كأمثال الجبال، وثمود باركة فى حفائرها.
وأخذ جبريل بتخوم الأرض، فزلزلت بيوتهم وقصورهم، ثم نشر جناح غضبه على ديار ثمود، وصاح صيحة، فكانوا كما قال الله تعالى: فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ.
ثم أقبلت سحابة سوداء على ديارهم، فرمتهم بوهج الحريق سبعة أيّام حتّى صاروا رمادا.
فلمّا كان فى اليوم الثامن انجلت السحابة وطلعت الشمس، وجاء صالح بمن معه من المؤمنين، فطاف بديارهم، واحتملوا ما قدروا عليه من أموالهم وارتحل بقومه إلى أرض الشأم، فنزل بأرض فلسطين، وأقام- عليه السلام- حتى مات.