نصب الدهر عليهم ... حربه دون الأنام
فسقى الله بنى عا ... د من الصّوب الغمام
فأجابهما رجل من الوفد يقال له الجعد بن القيل:
علّلينا- زانك اللّ ... هـ- بأكواب المدام
وبماء فامزجيها ... تستريحى من ملام
فلما لم يكترثوا بالصوت الأوّل قالت:
ألا يا قيل ويحك قم فهينم «١» ... لعلّ الله يمنحكم غماما
غماما صوبها هطل مغيث ... يروّى السّهل طرّا والإكاما
من العطش الشديد فليس نرجو ... بها الشيخ الكبير ولا الغلاما
وقد كانت نساؤهم بخير ... فقد أمست نساؤهم عياما «٢»
وأنّ الوحش تأتيهم جهارا ... ولا تخشى لعادىّ سهاما
وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم ... نهاركم وليلكم التّماما
فقبّح وفدكم من وفد قوم ... ولا لقوا التحيّة والسلاما
أفيقوا أيّها الوفد السّكارى ... لقومكم فقد أضحوا هياما
فقد طال المقام على سرور ... ألا يا قيل ويك ذر المداما
قال: فانتبه الناس وقاموا فاغتسلوا ولبسوا ثيابا جددا، وكسوا البيت بالكسوة التى حملوها له؛ فجعل ينفضها؛ فقال مرثد: يا قوم، إنّ ربّ هذا البيت لا يقبل الهديّة إلّا من مؤمن، فهل لكم أن تؤمنوا بهود؟ فقالوا: يا مرثد:
إنّ كلامك يدلّ على إيمانك به، ونحن لا نؤمن به أبدا.
فأنشأ يقول: