هارون، وأقام وصيف على المخاضة ثلاثة أيام، فقال له أصحابه:
قد طال مقامك ولسنا نأمن أن يأخذ حسين هارون، فيكون الفتح له دوننا، والصواب أن تمضى في آثارهم فأطاعهم ومضى، ولما فارق المخاضة جاء هارون فعبرها، وجاء الحسين في أثره إلى الموضع فلم ير وصيفا وأصحابه في الموضع الذى تركهم فيه، فعبر في أثر هارون وانتهى إلى حىّ من أحياء العرب، فسأل عنه فكتموه أمره فهدّدهم فأعلموه أنّه اجتاز بهم، فتبعه حتى أدركه بعد أيام وهارون في نحو مائة رجل، فناشده فأبى الحسين إلا قتاله، وحاربه وألقى نفسه عليه وأسره، وجاء به إلى المعتضد بالله إلى بغداد فوصلها لثمان بقين من شهر ربيع الأول، وأدخل هارون على فيل، وأرادوا أن يلبسوه ديباجا مشهّرا فامتنع «١» ، وقال: هذا لا يحلّ فألبسوه كارها، ولما صلب نادى بأعلى صوته لا حكم إلا لله ولو كره المشركون، وكان هارون صفريا، وكانت مدة خروج هذه الطائفة، منذ خرج مساور إلى أن أسر هارون ثلاثين سنة، منها أيام مساور عشر سنين، ومدة خروج هارون عشرون سنة، والله تعالى أعلم.