للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسوء باطنه، ولم يمكنه التخلّص منه إلى الآن، ففارقه في عاشر شعبان.

فلمّا كان الغد بكّر الموفّق لمحاربة الزنج، وأمر أبا العبّاس بقصد دار محمد الكرنبائى- وهى بازاء دار صاحب الزنج- واحراقها وما يليها من منازل قوّاد الزنج، يشغلهم بذلك عن حماية دار صاحبهم وأمر المرّتين في الشذاوات المطليّة بقصد دار صاحب الزنج واحراقها ففعلوا ذلك، وألصقوا شذاواتهم بسور قصره، وحاربوهم أشد حرب فنضحهم الزنج بالنيران فلم تعمل شيئا، وأحرق من القصر الرواشين والأبنية الخارجة وعملت النار فيها، وسلم الذين كانوا في الشذا مما كان الزنج يرسلونه عليهم، وأمر الموفّق الذين في الشذا بالرجوع فرجعوا، فأخرج من كان فيها ورتّب غيرهم، وانتظر إقبال المدّ وعلوّه فلما أقبل عادت الشذا إلى قصره، وأحرقوا بيوتا منه كانت تشرع على دجلة، واضطرمت النار فيها وقويت واتصلت، فأعجلت صاحب الزنج ومن كان معه عن التوقّف على ما كان فيها من الأموال والذخائر وغير ذلك، فخرج هاربا وتركه، وعلا غلمان الموفّق قصره مع أصحابهم فانتهبوا ما لم تأت النار عليه من الذهب والفضّة والحلىّ وغير ذلك، واستنقذوا جماعة من النساء اللواتى كان صاحب الزنج يأنس بهنّ من اللواتى كان استرقّهنّ، ودخلوا دوره ودور ابنه انكلاى فأحرقوها جميعا، وفرح الناس بذلك وتحاربوا، هم وأصحاب صاحب الزنج على باب قصره، فكثر القتل في أصحابه والجراح والأسر، وفعل أبو العبّاس في دار الكرنبائى من النهب والهدم والإحراق مثل ذلك، وقطع أبو العبّاس يومئذ سلسلة عظيمة كان صاحب الزنج