بشهادته. قال: وكان أبو حشيشة يعظّمها ويعترف لها بالرياسة والأستاذيّة.
وكانت من أحسن الناس وجها وأطيبهم صوتا، وكانت لا تخلو من عشق. قال:
ولم يعرف فى الدنيا امرأة أعظم صنعة منها فى الطّنبور. وكانت لها صنعة عجيبة.
فمنها فى الرمل:
كن لى شفيعا إليكا ... إن خفّ ذاك عليكا
وأعفنى من سؤالى ... سواك ما فى يديكا
يا من أعزّ وأهوى ... مالى أهون لديكا
قال: وحضرت يوما عند علىّ بن الهيثم اليزيدىّ وعنده عمرو بن مسعدة وهارون بن أحمد بن هشام؛ فجاءه إسحاق بن إبراهيم الموصلى فأخبره خبرهم. فقال له إسحاق: إنى كنت أشتهى أن أسمع عبيدة، ولكنها إن عرفتنى وسألتمونى أن أغنّى بحضرتها انقطعت ولم تصنع شيئا، فدعوها على جبلّتها [١] ؛ فوافقوه على ذلك، ودخل وكتموها أمره، وكانت لا تعرف إسحاق. وقدّم النبيذ، فغنّت لحنا لها:
قريب غير مقترب ... ومؤتلف كمجتنب
له ودّى ولى منه ... دواعى الهمّ والكرب
أواصله على سبب ... ويهجرنى بلا سبب
ويظلمنى على ثقة ... بأنّ إليه منقلبى
قال: فطرب إسحاق وشرب نصفا، ثم تغنّت وشرب، حتى والى بين عشرة أنصاف؛ قال علىّ بن الهيثم: وشربنا معه. وقام إسحاق ليصلّى؛ فقال لها هارون: ويحك يا عبيدة! ما تبالين والله متى متّ! قالت: ولم؟ قال: أتدرين من المستحسن غناءك والشارب عليه ما شرب؟ قالت: لا والله. قال: إسحاق بن إبراهيم، فلا
[١] كذا فى الأغانى. وفى الأصل: «فدعوها على حملتها» .