تعرّفيه أنك قد عرفتيه. فلما جاء إسحاق ابتدأت تغنّى فلحقتها هيبة له واختلاط، فنقصت نقصانا بيّنا. قال: أعرّفتموها من أنا؟ فقلت: نعم، عرّفها هارون. فقال إسحاق: نقوم إذا فننصرف؛ فإنه لا خير فى عشرتكم الليلة ولا فائدة لى ولا لكم؛ وقام فانصرف.
وقال ملاحظ غلام أبى العبّاس: اجتمع الطّنبوريّون عند أبى العباس بن الرشيد يوما وفيهم المسدود وعبيدة. فقالوا للمسدود: غنّ؛ فقال: لا والله، لا تقدّمت على عبيدة وهى الأستاذ، فما غنّى حتى غنّت. وقال محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعىّ: سمعت إسحاق يقول: الطنبور إذا تجاوز عبيدة هذيان.
هذا ما أمكن إيراده فى هذا الباب من أخبار من اشتهر بالغناء، وأخبار القيان، وهو مختصر مما أورده أبو الفرج الأصفهانى- رحمه الله تعالى- فى كتابه المترجم بالأغانى من أخبارهم. ولم نلتزم استيعابهم بل ذكرنا أكثرهم وأشهرهم بالغناء، وذكرنا من أخبارهم ما فيه كفاية. فلنذكر خلاف ذلك.