كارهون لواليها. فأدخلوهم البلد وأخرجوا الوالى. فصار شاه ملك أمير البلد. فبلغ تميم الخبر فأرسل العساكر فحصروها وفتحوها وأخذوا شاه ملك ومن معه إلى المهدية. فسر بهم تميم وقال:«قد ولد لى مائة ولد أنتفع بهم» . وكانوا لا يخطىء لهم سهم.
فلم تطل الأيام حتى جرى منهم أمر غير تميما عليهم. فعلم شاه ملك ذلك، وكان صاحب دهاء وخبث. فلما كان فى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، خرج يحيى بن تميم إلى الصيد ومعه شاه ملك ومن معه. وكان أبوه قد تقدم إليه ألا يقربه فلم يقبل منه. فلما أبعدوا فى طلب الصيد «١» ، غدر به شاه ملك، وقبض عليه، وسار به وبمن أخذ من أصحابه إلى حمو بن مليل صاحب مدينة سفاقس. فركب حمو وخرج للقاء يحيى بن تميم. وترجل وقبل يده ومشى فى ركابه وعظّمه واعترف له بالعبودية. وأقام عنده أياما ولم يذكره أبوه بكلمة واحدة.
وكان قد جعله ولى عهده، فلما أخذ أقام أبوه مقامه ابنا آخر اسمه مثنى.
قال: ثم إن صاحب سفاقس خاف يحيى على نفسه أن يثور معه الجند وأهل البلد فيملكوه عليهم، فكتب إلى تميم يسأله «٢» إنفاذ الأتراك وأولادهم إليه ليرسل إليه ابنه يحيى. ففعل ذلك بعد امتناع كثير. وقدم يحيى فحجبه أبوه عنه مدة. ثم رضى عنه وأعاده وجهزه إلى سفاقس بجيش فحصرها برا وبحرا مدة شهرين. فخرج الأتراك عنها إلى قابس.