ثم قال: اركب فداك أبى وأمى يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنى لا أركب بعيرا ليس لى» ، قال: فهى لك يا رسول الله بأبى أنت وأمى! قال:
«لا ولكن ما الثمن الذى ابتعتها «١» به» ؟، قال: كذا وكذا، قال:«قد أخذتها بذلك» .
قال محمد بن سعد: وكان أبو بكر اشتراهما بثمانمائة درهم من نعم بنى قشير، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما وهى القصواء.
قال ابن إسحاق: فركبا وانطلقا، وأردف أبو بكر رضى الله عنه مولاه عامر بن فهيرة خلفه ليخدمهما فى الطريق.
قال أبو بكر رضى الله عنه: أسرينا ليلتنا ويومنا حتى إذا قام قائم الظهيرة وانقطع الطريق، ولم يمرّ أحد، رفعت لنا صخرة لها ظلّ لم تأت عليه الشمس. قال: فسويت للنبىّ صلى الله عليه وسلم مكانا فى ظلها، وكان معى فرو ففرشته، وقلت للنبىّ صلى الله عليه وسلم: نم حتى أنفض ما حولك، فخرجت فإذا أنا براع قد أقبل يريد من الصخرة مثلما أردنا، وكان يأتيها قبل ذلك فقلت:
يا راعى، لمن أنت؟ قال: لرجل من أهل المدينة يعنى مكة، قال: قلت: هل فى شائك من لبن؟ قال: نعم، قال: فجاءنى بشاة فجعلت أمسح الغبار عن ضرعها وحلبت فى إداوة معى كثبة «٢» من لبن، وكان معى ماء للنبىّ صلى الله عليه وسلم فى إدواة فصببت على اللبن من الماء لأبرده، فوافيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قام من نومه فشرب وقال:«ما آن الرحيل» ؟ قلت: بلى، قال: فأرسلنا حتى إذا كنا بأرض صلبة جاء سراقة بن مالك بن جعشم، فبكى أبو بكر وقال: يا رسول الله قد أتينا، قال:«كلا» ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتطم فرس سراقة- أى