قال الواقدىّ: لمّا خرّ موسى صعقا قالت الملائكة: ما لابن عمران وسؤال الرؤية.
قال وهب: لما سأل موسى الرؤية أرسل الله تعالى الضّباب والصواعق والظّلمة والرعد والبرق فأحاطت بالجبل الّذى عليه موسى، وأمر الله تعالى ملائكة السموات أن يعرضوا على موسى أربعة فراسخ من كلّ ناحية؛ فمرّت ملائكة سماء الدنيا كثيران البقر، تتابع أفواههم التقديس والتسبيح بصوت عظيم كصوت الرعد الشديد؛ ثم أمر الله تعالى ملائكة السماء الثانية: أن اهبطوا على موسى. فهبطوا عليه مثل أسد لهم نحيب بالتسبيح والتقديس؛ ففزع موسى مما رأى وسمع واقشعرّ جلده، ثم قال: ندمت على مسألتى، فهل ينجينى من مكانى الّذى أنا فيه شىء؟ فقال له حبر الملائكة ورأسهم: يا موسى اصبر لما رأيت، فقليل من كثير رأيت. ثم هبطت ملائكة السماء الثالثة كأمثال النسور، لهم قصف ورجف بالتسبيح والتهليل والتقديس كجلب الجيش العظيم وكلهب النار؛ ثم هبطت عليه ملائكة السماء الرابعة لا يشبههم شىء من الّذين مرّوا به قبلهم، ألوانهم كلهب النار، وسائر خلقهم كالثلج الأبيض، أصواتهم عالية بالتسبيح والتقديس لا يقاربهم شىء من أصوات الّذين مرّوا به قبلهم؛ ثم هبطت عليه ملائكة السماء الخامسة فى سبعة ألوان، فلم يستطع موسى أن يتبعهم الطّرف، لم ير مثلهم ولا سمع مثل أصواتهم، وامتلأ جوف موسى فزعا، واشتدّ حزنه وكثر بكاؤه؛ ثم قال له حبر الملائكة ورأسهم: يابن عمران، مكانك حتّى ترى ما لا تصبر عليه؛ ثم أمر الله تعالى ملائكة السماء السادسة أن اهبطوا على عبدى الّذى أراد أن يرانى؛ فعرضوا عليه وفى يد كلّ منهم حربة مثل النخلة الطويلة، نارها أشدّ ضوءا من الشمس، ولباسهم كلهب النّيران، إذا سبّحوا وقدّسوا جاوبهم من كان قبلهم