بموت باديس، كانت السيدة أم ملّال «١» بالمهدية، فخرج إليها منصور بن رشيق عامل القيروان، بجماعة القضاة والفقهاء والمشايخ وشيوخ صنهاجة إلى المهدية فعزّوها. وأخرجت المعز وبين يديه الطبول والبنود. فنزل إليه الناس وهنئوه وعزّوه. وعاد إلى قصره. ودخل الناس على السيدة فهنئوها. فأمرت منصور بن رشيق بالانصراف بمن كان معه فرجعوا إلى القيروان.
قال: وأما العسكر الذى بالمحمدية فإنهم ارتحلوا عن مناخها يوم عيد الأضحى بعد أن أضرموا النار فيما كان هناك من الأبنية. وسارت العساكر على تعبئة الزحف مقدمة وساقة وقلبا، يقدمها التابوت.
وأمامه البنود والطبول والجنائب والقباب. وكان وصولهم إلى المنصورية يوم الاثنين لأربع خلون من المحرم سنة سبع وأربعمائة.
ووصلوا إلى المحمدية لثمان خلون «٢» منه. فركب المعز وقام حبيب بن أبى سعيد عن يساره. ونزل الناس فوجا فوجا وحبيب يعرفه بهم قائدا قائدا وعرافة عرافة، وهو يسأل الناس عن أحوالهم ألطف سؤال.
فرأى الناس من عقله وإقباله وفطنته ما ملأ قلوبهم وأقر عيونهم. وأقاموا يركبون إليه فى كل غدوة وغشية ثلاثة أيام. ثم خرج المعز من المهدية وسار إلى القيروان. ودخل المنصورية يوم الجمعة النصف من «٣» المحرم سنة سبع وأربعمائة فسر به الناس وابتهجوا.