ابن إسحاق الملثّم [المعروف بابن غانية]«١» وملكوا بجاية فى سنة ثمانين، وانقادوا إلى الملثّم واستعانوا به، لأنّه من بيت المملكة والرئاسة القديمة، ولقّبوه بأمير المسلمين؛ وقصدوا بلاد أفريقية فملكوها شرقا وغربا إلا تونس والمهديّة فإنّ الموحّدين حفظوها.
ولمّا حصل استيلاؤهم على بلاد أفريقية قطعت خطبة أولاد عبد المؤمن وخطب للنّاصر لدين الله العبّاسى؛ وقصدوا مدينة قفصة فتسلّموها فى سنة اثنتين وثمانين؛ وأقام بها طائفة من الملثمين والأتراك.
فلمّا اتّصلت هذه الأخبار بالأمير يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن «٢» اختار من عسكره عشرين ألف فارس من الموحّدين، وسار بهم فى صفر سنة ثلاث وثمانين، فوصل إلى مدينة تونس. وأرسل ستّة آلاف مع ابن أخيه فساروا إلى الملثم والأتراك بقفصة، فهزمهم الملثم ومن معه فى شهر ربيع الأول من السّنة. فجاء يعقوب بن يوسف بمن معه فى نصف شهر رجب منها، والتقوا على مدينة قابس، فانهزم الأتراك والملثم، وقتل كثير منهم. وفتح يعقوب قابس، وأخذ أموال قراقوش وأهله وحملهم على مراكش. وحصر مدينة قفصة ثلاثة أشهر وبها التّرك، فطلبوا الأمان لهم ولأهل البلد، فأمّنهم وسيّر الأتراك إلى الثّغور لما رأى من شجاعتهم.
هذا ما اتّفق لهذه الطائفة، وإن كانت هذه الفتوحات لا تختصّ كلّها بالدّولة الأيوبية، إلا أنهم كانوا سببا، وهم الّذين استولوا على البلاد كما ذكرنا فأوردناها فى أخبارهم.