وإيجاز قصر، وهو تكثير المعنى وتقليل الالفاظ، كقوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مما جمع فيه شرائط الرسالة:(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)
وسمع أعرابىّ رجلا يتلوها فسجد وقال: سجدت لفصاحته، ذكره أبو عبيد. وقوله تعالى مما جمع فيه مكارم الأخلاق:(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ)
فجمع فى ثلاث كلمات بين العنوان والكتاب والحاجة؛ وقوله تعالى:(قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)
فجمع فى هذا على لسان النملة بين النداء والتنبيه والأمر والنهى «١» والتحذير والتخصيص والعموم والإشارة والإعذار؛ ونظير ذلك ما حكى عن الأصمعىّ أنه سمع جارية تتكلّم فقال لها:
قاتلك الله، ما أفصحك! فقالت: أو يعدّ هذا فصاحة بعد قول الله تعالى:
فجمع فى آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.
ولما سمع الوليد بن المغيرة من النبى صلّى الله عليه وسلم قوله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
قال: والله إنّ له لحلاوة «٢» ، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق «٣» ، وإن أعلاه لمثمر، ما يقول هذا بشر.