للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدنيا على الآخرة ابتلاه الله تعالى بثلاث: همّا لا يفارق قلبه أبدا وفقرا لا يستغنى أبدا وحرصا لا يشبع أبدا»

. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يستكمل العبد الإيمان حتّى يكون ألّا يعرف أحبّ إليه من أن يعرف وحتى تكون قلة الشىء أحبّ إليه من كثرته»

. وقال المسيح عليه السلام: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها. وقيل له: يا نبىّ الله، لو أمرتنا أن نبتنى بيتا نعبد الله فيه! قال: اذهبوا فابنوا بيتا على الماء.

فقالوا: كيف يستقيم بنيان على الماء! قال: وكيف تستقيم عبادة مع حبّ الدنيا!.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ ربّى عرض علىّ أن يجعل لى بطحاء مكة ذهبا فقلت لا يا ربّ ولكن أجوع يوما وأشبع يوما فأمّا اليوم الذى أجوع فيه فأتضّرع إليك وأدعوك وأمّا اليوم الذى أشبع فيه فأحمدك وأثنى عليك» .

وعن ابن عبّاس رضى الله عنهما قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يمشى وجبريل معه فصعد على الصّفا، فقال له النبىّ صلى الله عليه وسلم: والذى بعثك بالحقّ ما أمسى لآل محمد كفّ سويق ولا سفّة دقيق. فلم يكن كلامه بأسرع من أن سمع هدّة من السماء أفظعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أمر الله القيامة أن تقوم؟ قال: لا، ولكن هذا إسرافيل قد نزل إليك حين سمع كلامك. فأتاه إسرافيل فقال: إنّ الله عز وجلّ سمع ما ذكرت، فبعثنى بمفاتيح الأرض وأمرنى أن أعرض عليك إن أحببت أن أسيّر [١] معك جبال تهامة زمرّدا وياقوتا وذهبا وفضّة فعلت، وإن شئت نبيّا ملكا وإن شئت نبيّا عبدا. فأومأ إليه جبريل أن تواضع لله. فقال: «نبيّا عبدا» ثلاثا

. وقال صلى الله عليه وسلم: «اذا أراد الله بعبد خيرا زهّده فى الدنيا ورغّبه فى الآخرة وبصّره بعيوب نفسه» .

وقال صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن يؤتيه الله علما بغير تعلّم وهدى بغير هداية فليزهد فى الدنيا» .


[١] كذا فى الإحياء، وفى الأصل: «أن تسير ... » .