للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت: انزل، فنزلت. فإذا بالسيدة جالسة على كرسىّ وليس معها إلا وصيفتان وصاحبتى. فقبّلت الأرض وقمت بين يديها، فقالت: اجلس، فقلت: أنا عبد السيدة وخادمها، وليس من محلى أن أجلس بحضرتها، فتأملتنى وقالت:

ما اخترت يا فلانة إلا حسن الوجه والأدب، ونهضت، فجاءتنى صاحبتى بعد ساعة، وقالت: أبشر، فقد أذنت لى في تزويجك، وما بقى الآن عقبة إلا الخروج.

فقلت: يسلم الله! فلما كان من غد حملتنى في الصندوق. فخرجت كما دخلت بعد مخاطرة أخرى وفزع ثان. ونزلت في المسجد ورجعت إلى منزلى، فتصدّقت، وحمدت الله تعالى على السلامة. فلما كان بعد أيام جاءنى الخادم ومعه كيس وفيه ثلاثة آلاف دينار عينا وقال: أمرتنى ستى بإنفاذ هذا إليك من مالها، وقالت:

اشتر به ثيابا ومركوبا وخدما، وأصلح به ظاهرك، واحضر يوم الموكب إلى باب العامّة، وفف حتّى تطلب. فقد وافق الخليفة أن يزوجك بحضرته. فأخذت المال وأجبت عن رقعة كانت معه، واشتريت ما قالوه بشىء يسير منه وبقى الأكثر عندى. وركبت إلى باب العامة في يوم الموكب بزىّ حسن. وجاء الناس فدخلوا إلى الخليفة، ووقفت إلى أن استدعيت ودخلت. فإذا أنا بالمقتدر جالسا والقضاة والقوّاد وغيرهم من الهاشميين. فهبت المجلس وعلّمت كيف أسلّم. ففعلت.

وتقدّم المقتدر إلى بعض القضاة الحاضرين فخطب لى وزوّجنى. وخرجت من حضرته. فلما انتهيت إلى بعض الدهاليز، عدل بى إلى دار عظيمة مفروشة بأنواع الفرش الفاخرة وفيها من الآلات والخدم والقماش ما لم أر مثله قطّ. وانصرف من أدخلنى. فجلست يومى لا أقوم إلا إلى الصلاة. وخدم يدخلون وخدم يخرجون، وطعام عظيم ينقل وهم يقولون: الليلة تزف فلانة باسم صاحبتى إلى زوجها البزّاز،