للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنا لا أصدّق فرحا. فلما جاء الليل أثّر فيّ الجوع وأقفلت الأبواب، ويئست من الجارية، فقمت أطوف الدار فوقعت على المطبخ. ووجدت الطباخين جلوسا فاستطعمتهم فلم يعرفونى وقدّرونى بعض الوكلاء. فقدّموا إلىّ هذا اللون مع رغيفين فأكلتهما وغسلت يدى بأشنان كان في المطبخ وقدّرت أنها قد نقيت.

وعدت إلى مكانى. فلما جنّ الليل إذا طبول وزمور وأصوات عظيمة. وإذا أنا بالأبواب قد فتّحت وصاحبتى قد أهديت إلىّ وجاءوا بها فجلوها علىّ، وأنا أقدّر أن ذلك في النوم. ثم تركت معى في المجلس. وتفرّق ذلك البوش. فلما خلونا، تقدّمت إليها فقبلتها وقبلتنى. فلما شمّت رائحة لحيتى، رفستنى فرمت بى عن المنصّة وقالت: أنكرت والله أن تفلح يا عامّى، يا سفلة، وقامت لتخرج، فقمت وعلقت بها وقبلت الأرض ورجليها، وقلت: عرفينى ذنبى واعملى بعده ما شئت، فقالت: ويحك، أكلت ولم تغسل يدك! فقصصت عليها قصتى، فلما بلغت إلى آخرها قلت: علىّ وعلىّ- وحلفت بطلاقها وطلاق كل امرأة أتزوّجها وصدقة مالى وجميع ما أملكه والحجّ ماشيا على قدمىّ وكلّ ما يحلف به المسلمون- لا أكلت بعدها ديكيريكة إلا غسلت يدى أربعين مرة. فاستحيت وتبسمت وصاحت:

يا جوارى! فجاء مقدار عشر جوار ووصائف، فقالت: هاتوا شيئا نأكل، فقدّمت ألوان ظريفة وطعام من أطعمة الخلفاء. فأكلنا وغسلنا أيدينا.

واستدعت شرابا فشربنا وغنّى أولئك الوصائف أطيب غناء وأحسنه، ثم قمنا إلى الفراش فخلوت بها وبتّ بأطيب ليلة، ولم نفترق أسبوعا. وكانت يوم الأسبوع وليمة عظيمة اجتمع فيه الجوارى. فلما كان من الغد، قالت لى: إن دار الخلافة لا تحتمل المقام فيها أكثر من هذا مع جارية غيرى، لمحبة سيدتى لى. وجميع ما تراه