فمر في مسيرة بحران، فأغلق أهلها الأبواب في وجهه، ومنعوه من الدخول، إليها إلا أنهم لم يقطعوا دعوته، فمضى إلى ميافارقين، وكانت والدته بها، فبلغها أن غلمانه قد عزموا على القبض عليها، وحملها إلى القلعة، فأغلقت أبواب المدينة في وجه ابنها ثلاثة أيام إلى أن توثقت منه، وممن معه، ومن أجناده، ثم فتحت الأبواب وأطلقت أرزاق غلمانه، فصلحت أحوالهم، ثم جمع سعد الدولة واحتشد، وسار إلى حلب، فنزل عليها في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وحاصرها، وفي مدة غيبتة نزل أبو البركات ابن ناصر الدولة بجيش على ميّافارقين، فأغلقت والدة أبى المعالى الأبواب دونه، وضبطت البلد، وراسلته تتعرف منه سبب مقصده، فعرفها أنه يقصد العدو، وأنه يريد منها ما يتقوى به على قصده، فبذلت له مائتى ألف درهم، فلم يقنع بها، وطلب منها ضياعا كانت لسيف الدولة بالقرب من نصيبين، فأعملت التدبير إلى أن أفسدت عليه جماعة ممّن معه، ثم ركبت، وكبسته في عسكره وقتلت جماعة من غلمانه، فانهزم أبو البركات، وراسلها، فردّث عليه بعض ما نهبت منه، وأطلقت له مائة ألف درهم، وأطلقت حاجبه، وكانت قد أسرته، فرحل عنها. ولم يزل أبو المعالى على حصار حلب حتى فتح الروم أنطاكية في يوم النحر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، واستقرّوا بها، وأنفذوا جيشا لأخذ حلب، فارتحل أبو المعالى عنها، ونزلت الروم عليها، وملكوا المدينة، فصالحهم قرعويه على أن يؤدّى لهم جالية «١» ، ويكون في ذمّتهم إلى أن يموت،