ليوليه الشام ودمشق لما اشتهر من شهامته، فتولى دمشق بعد خطب عظيم جرى له، واضطراب حال، ودخلت الروم حمص الدخلة الثانية بإذن سعد الدولة لأنه خاف أن يملكها بكجور بالمغاربة، وكان دخولهم إليها في يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
وتسلم بكجور دمشق في يوم الأحد مستهل شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة. ثم وقع بين بكجور، وبين يعقوب بن كلّس الوزير، فقبض بكجور على وكلاء الوزير بدمشق، فاستحكمت العداوة بينهما، وأفسد الوزير نفس نزار صاحب مصر على بكجور، فبعث منيرا الخادم في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة لقصد بكجور، وإخراجه من دمشق من غير إظهار ذلك بل أظهر أنه قصد بإرساله طرد مفرج بن دغفل من دمشق، وجرى من الأمور ما أوجب خروج بكجور بأمواله وحرمه من دمشق. وكان خروجه في يوم الثلاثاء منتصف شهر رجب سنة ثمان وسبعين. وسار بكجور إلى الرقة، وكان قد بعث غلامه وصيفا في سنة ست وسبعين وثلاثمائة إليها، فتسلمها من ديلمى، وكان بها من أصحاب عضد الدولة بعد وفاته، فلما دخلها بكجور راسل الطائع لله، فلم يجد عنده ما يؤثره، فأقام على الدعوة لنزار صاحب مصر، وبعث إليه نزار يقول: إنى ما أردت إخراجك من دمشق، وإنما أردت طرد ابن الجراح منها، وأبقى عليه ضياعه، وأمواله بها، وقوى أمر بكجور بالرقة، واشتد طمعه فى أخذ حلب من سعد الدولة وكاتب نزارا بذلك، وطلب إنجاده، فكتب نزار إلى والى طرابلس بالمسير إلى بكجور متى استدعاه،