والإحسان إليهم لأجل صبرهم معه، ففعلوا ذلك، وبالغوا، وكان بختيار لا يملك شيئا، والبلاد خراب، فلا تصل يده إلى أخذ شىء «١» منها، وأشار عضد الدولة على بختيار أن لا يلتفت «٢» إليهم، وأن يغلظ لهم في الجواب، ولا يعدهم بما لا يقدر عليه، وأن يعرفهم أنه لا يريد الإمارة عليهم والرئاسة، ووعده أنه إذا فعل ذلك توسط بينهم على ما يريده، فظن بختيار أنه ناصح له، ففعل ذلك، واستعفى من الإمارة، وأغلق باب داره، وصرف كتابه وحجّابه، وراسله عضد الدولة ظاهرا بمحضر من مقدمى الجند يشير عليه بتطييب قلوبهم، وكان قد أوصاه سرّا أنه لا يقبل منه، فعمل بختيار بما أوصاه به، وقال: لست أميرهم، وقد برئت منهم وترددت الرسائل بينهم ثلاثة أيام، هذا، وعضد الدولة يغريهم به، والشغب يزيد كل يوم، فأرسل بختيار إلى عضد الدولة يطلب منه إنجاز ما وعد به، ففرق الجند على عدة جميلة، واستدعى بختيارا وإخوته، فقبض عليهم، ووكل بهم، وذلك لأربع بقين من جمادى الآخرة، وجمع الناس، وأعلمهم استعفاء بختيار من الإمارة لعجزه عنها، ووعدهم الإحسان إليهم، والنظر في أمورهم، فسكنوا إلى قوله.