من نشار الذهب والورق شىء كثير على الأنطاع حتى صار كالبيدر، وقرىء عهده بين الخليفة، ولم يجر بذلك عادة، وأخذ الخليفة الذؤابة للرخاة، فعقدها بيده، وذلك بمسألة تقدمت من عضد الدولة، وقلّده الخليفة سيفا ثانيا وركب من مراكب الخليفة بركب الذهب، وبين يديه آخر مثله، والجيش بين يديه، وخلفه مشاة إلى أن خرج من باب الخاصة، فسار الجيش أمامه، واستقر ملكه ببغداد، خطب له بها، ولم يخطب لملك قبله ببغداد، وضرب على بابه ثلاث نوب، ولم تجر بذلك عادة. قال: ولما دخل إلى بغداد أرسل إلى بختيار يطلب منه وزيره محمد بن بقية، فسمله «١» بختيار، وأنفده إليه، فأمر عضد الدولة بالقائه بين قوائم الفيلة، فوطئته حتى مات، وصلب على رأس الجسر في شوال، فرثاه أبو الحسن الأنبارى بقوله:
علوّ في الحياة وفي الممات ... لحق أنت إحدى المعجزات
وقد ذكرنا الأبيات في باب المراثى، وبقى ابن بقية مصلوبا إلى أيام صمصام الدولة، فأنزل عن جذعه، ودفن، ولما استقر ملك عضد الدولة ببغداد، أتاه الخبر أن عزّ الدولة بختيارا قد نقض العهد، واجتمع هو وابن حمدان، واتفقا على حربه، فخرج إليهما، فكان من أمرهما ما قدمناه في أخبار بختيار، وأخبار الدولة الحمدانية.