للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبوه قد رتبه بها في حياته، فلما مات مشرف الدولة خطب له ببغداد، وطلب فلم يصعد إليها، وإنما بلغ واسط، وأقام بها، ثم عاد إلى البصرة، فقطعت خطبته، وخطب لابن «١» أخيه أبى كاليجار ابن سلطان الدولة في شوال، وهو حينئذ صاحب خوزستان، فلما اتّصل ذلك بجلال الدولة أصعد إلى بغداد، فانحدر عسكرها ليرده عنها، وقاتلوه ونهبوا بعض خزائنه، فعاد إلى البصرة، وأرسلوا إلى الملك أبى كالنجار ليحضر إلى بغداد، فوعدهم بذلك، ولم يمكنه. لأن الحرب كانت بينه وبين عمه أبى الفوارس صاحب كرمان، وانقطعت خطبة جلال الدولة إلى سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ثم عاد إلى السلطنة، وكان سبب ذلك أن الأتراك كانوا قد طمعوا في الناس ببغداد، وصادروهم، وأخذوا أموالهم، وعظم الخطب، وزاد الشر، وأحرقت المنازل، والدروب، والأسواق، وطمع العيّارون، والعامة، فكانوا يدخلون على الرجل فيطالبونه بذخائره كما يفعل السلطان بمن يصادره، ووقعت الحرب بين العامّة والجند، فظفر الجند بهم، ونهبوا الكرخ وغيره، وذلك في سنة سبع عشرة، فلما رأى القوادّ وعقلاء الجند أن الملك أبا كاليجار لا يصل إليهم، وأن البلاد قد خربت، وطمع فيهم المجاورون لهم من الأعراب والأكراد، وقصدوا دار الخلافة، وراسلوا الخليفة القادر بالله، واعتذروا من انفرادهم بالخطبة لجلال الدولة أوّلا، وردّهم له ثانيا، وبالخطبة لأبى كالنجار، وقالوا:

إن أمير المؤمنين صاحب الأمر ونحن العبيد، وقد أخطأنا، ونسأل