هذا، ثم أخذ من البسامى ألف دينار، وأطلقه، واختفى الوزير.
وفي سنة أربع وعشرين وأربعمائة في شهر رمضان شغب الجند على جلال الدولة، وقبضوا عليه، وأخرجوه من داره، ثم سألوه ليعود إليها فعاد، وسبب ذلك أنه استقدم الوزير أبا القاسم من غير أن يعلموا، فاستوحشوا من ذلك، واجتمعوا وهجموا عليه في داره، وأخرجوه إلى مسجد هناك، فوكلوا به فيه، وأسمعوه ما يكره، ونهبوا بعض ما في داره، فجاء بعض القواد في جماعة من الجند، وأعاده إلى داره، فنقل جلال الدولة حرمه» وما فضل في داره بعد النهب، إلا الجانب الغربى، ونزل بدار المرتضى، وعبر الوزير معه، ثم راسله الجند، وقالوا نريد أن تنحدر عنا إلى واسط، وأنت ملكنا، وتترك عندنا بعض أولادك الأصاغر، فأجابهم إلى ذلك، وأرسل سرا إلى الغلمان الأصاغر، واستمالهم، وإلى كل واحد من الأكابر واستماله، وقال: إنما وثوقى بك وسكوتى إليك، فمالوا إليه ودخلوا عليه، وقبلوا الأرض بين يديه، وسألوه العود إلى داره، فعاد وحلف لهم على الإخلاص، والإحسان إليهم، وحلفوا له على المناصحة.
وفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة عاد الجند إلى الشغب وثاروا به وأرادوا إخراجه من بغداد، فاستمهلهم ثلاثة أبام، فلم يملهوه، ورموه بالآجر، فأصابه بعضه، فاجتمع الغلمان، وردّهم عنه، فخرج من باب لطيف، وركب في سماريّة متنكّرا، وصعد راجلا منها إلى دار المرتضى بالكرخ، ثم سار إلى رافع بن الحسين بتكريت، وكسّر الأتراك باب داره، ودخلوها، ونهبوها، وخلعوا كثيرا من صاجها وأبوابها، فأرسل الخليفة إليهم، وسكنهم، وأعاده إلى بغداد. والله أعلم.