وسار داود إلى هراة، وتوجه سباشى إلى غزنة، فاضطر مسعود إلى المسير إلى خراسان، وجمع من العساكر ما يضيق بها الفضا، وفرق فيهم الأموال، وسار من غزنة، ومعه من الفيلة عدد كثير، فوصل إلى بلخ، فقصده داود، ونزل قريبا منها، ودخلها يوما جريدة، على حين غفلة من العسكر، فأخذ الفيل الكبير الذى على باب الملك «١» مسعود، وعدة جنائب، فعظم قدره في نفوس الناس وازدادت، هيبته في قلوب العسكر، ثم سار مسعود من بلخ في مستهل شهر رمضان سنة تسع وعشرين، ومعه ألف فارس سوى الأتباع، وسار إلى جوزجان، فأخذ واليها الذى كان للسلجقية، فصلبه، وسار منها، فوصل إلى مرو الشاهجان، وسار داود إلى سرخس، واجتمع بأخويه طغرلبك وبيغو، فراسلهم مسعود في الصلح، فتوجه إليه بيغو بالجواب، فأكرمه مسعود وخلع عليه، وكان مضمون رسالته:«إنا لا نثق بمصالحتك بعد ما فعلناه من هذه الأفعال، التى كل فعل منها موبق مهلك» ، وآيسوه من الصلح، فسار مسعود من مرو إلى هراة، وقصد داود مرو، فامتنع أهلها من تسليمها. فحاصرهم سبعة أشهر، وملكها، فسقط في يد مسعود، وسار من هراة إلى نيسابور ثم إلى سرخس، وكلما اتبع السلجقية إلى مكان ساروا منه إلى غيره، ولم يزل كذلك حتى أدركه الشتاء، فأقام بنيسابور ينتظر الربيع، فلما جاء الربيع اشتغل مسعود بلهوه وشربه، حتى انقضى فصل الربيع، فلما جاء الصيف عاتبه أصحابه على إهماله أمر السلجقية، وعدم مناجزتهم الحرب، فسار من نيسابور في طلبهم، فدخلت السلجقيه البرية،