وأعيدت عدة دفعات كما قدمناه في أخبار بركياروق. وكانت مدة اجتماع الناس عليه بغير منازع، منذ تسلم السلطنة من الأمير إياز أتابك ملكشاه بن بركياروق، ثنتا عشرة سنة وسبعة أشهر.
وأما سيرته فكان ملكا عادلا شجاعا «١» ، حسن السيرة؛ فمن جملة ذلك أنه اشترى مماليك من بعض التجار، وأحالهم بالثمن على عامل خوزستان، فأعطاهم البعض، ومطلهم بما بقى، فحضروا مجلس الحكم، وأخذوا معهم غلمان القاضى إلى السلطان، ليحضر معهم إلى مجلس الحكم، فلما رآهم، قال لحاجبه: انظر حاجة هؤلاء فسألهم، فقالوا: لنا خصم يحضر معنا إلى مجلس الحكم، فقال: من هو؟ فقالوا: السلطان؛ وذكروا قصتهم. فأعلمه الحاجب ذلك، فأمر بإحضار العامل إليهم، وغرّمه غرما ثقيلا، ونكل به، ثم كان يقول بعد ذلك: ندمت ندامة عظيمة، حيث لم أحضر معهم إلى مجلس الحكم، فيقتدى بى غيرى، ولا يمتنع أحد عن الحضور إليه، وأداء الحق. ومن عدله أنه كان له خازن يعرف بأبى أحمد القزوينى، فقتله الباطنية، فلما قتل أمر بعرض الخزانة عليه، فعرضت، فإذا درج فيه جوهر نفيس، فقال: إن هذا الجوهر عرض علىّ منذ أيام، وهو في ملك أصحابه، وسلمه إلى خادم له، وأمر بتسليمه إليهم، فسأل عنهم وكانوا غرباء- وقد تيقنوا ذهاب مالهم، وأيسوا منه، فلم يطلبوه، [فأحضرهم]«٢» وسلمه إليهم،