وحجر عليه واستبد بالأمر دونه وأبعد خواصه عنه، فكان ممن أبعد عنه بك أرسلان المعروف بخاص بك، وكان السلطان قد رباه وقربه فأبعده عنه وحجبه، وصار لا يراه. وكان فى خاص بك عقل وتدبير وجودة قريحة، فاستقر بينه وبين السلطان قتل عبد الرحمن.
فاستدعى خاص بك من يثق به وتحدث معهم، فكلهم خاف الإقدام عليه إلا رجل اسمه زنكى- وكان جاندارا- فإنه بذل من نفسه أن يلقاه ويبدأه بالقتل، ووافق خاص بك على ذلك جماعة من الأمراء فبينما عبد الرحمن فى موكبه بظاهر جنزه «١» ، إذ ضربه زنكى الجاندار على رأسه بمقرعة حديد كانت فى يده، فسقط إلى الأرض وأجهز عليه خاص بك، وأعانه جماعة ممن كان واطأه من الأمراء.
وبلغ السلطان الخبر وهو ببغداد، ومعه الأمير عباس صاحب الرى وعسكره أكثر من عسكر السلطان، فأنكر الأمير عباس ذلك وتألم له، فداراه السلطان ولطف به، ثم استدعاه فى بعض الأيّام.
فلما عبر إليه، منع أصحابه من الدخول وعدل به إلى حجرة، وقيل له: اخلع الزردية، وكان لا يزال يلبسها، فقال: إن لى مع السلطان أيمانا وعهودا، فلكموه وخرج عليه غلمان أعدوا له، فتشاهد وخلع الزردية وألقاها فضربوه بالسيوف، واحتزوا رأسه، وألقوه إلى أصحابه، ثم ألقوا جسده ونهبت خيامه. وكان مقتله فى ذى القعدة.
وكان من غلمان السلطان محمود حسن السيرة ودفن بالجانب الغربى ثم أرسلت ابنته وحملته إلى الرى ودفنته هناك.