للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدحتك مدحة السيف المحلّى ... لتجرى في الكرام كما جريت

فهبها مدحة ذهبت ضياعا ... كذبت عليك فيها وافتريت

فأنت المرء ليس له وفاء ... كأنى إذ مدحتك قد زنيت

ثم دفعها إلى الرسول وقال: ضعها في الموضع الذى أخذتها منه، ففعل، فلما كان من الغد، أخذها العباس فنظر فيها، فلما قرأ الأبيات، غضب، وقام من وقته، فركب إلى الرشيد، وكان أثيرا عنده يبجله ويقدّمه، وكان قد همّ أن يخطب اليه ابنته، فرأى الرشيد الكراهة في وجهه، فقال ما شأنك؟ قال: هجانى ربيعة الرقّى، فأحضره الرشيد، وقال له: يا ماص كذا وكذا من أمّه أتهجو عمّى، وآثر خلق الله عندى؟ لقد هممت أن أضرب عنقك، فقال: يا أمير المؤمنين، والله لقد امتدحته بقصيدة ما قال أحد مثلها من الشعراء في أحد من الخلفاء، ولقد بالغت في الثناء، وأكثرت الوصف، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإحضارها فعل، فلما سمع الرشيد ذلك، سكن غضبه، وأحب أن ينظر في القصيدة، فأمر العباس بإحضارها فتلكأ عليه، فقال له الرشيد: سألتك بحق أمير المؤمنين، إلا أمرت بإحضارها؟

فأحضرت، فإذا فيها القصيدة بعينها، فاستحسنها واستجادها وأعجب بها، وقال:

والله ما قال أحد من الشعراء في أحد من الخلفاء مثلها، ولقد صدق ربيعة فبرّ، ثم قال للعباس: كم أثبته عليها؟ فسكت العباس، وتغيّر لونه، وغصّ بريقه، فقال ربيعة: أثابنى عنها يا أمير المؤمنين دينارين، فتوهم الرشيد أنه قال ذلك من الموجدة عليه، فقال: بحياتى يا رقّى كم أثابك؟ فقال: وحياتك يا أمير المؤمنين ما أثابنى إلا بدينارين، فغضب الرشيد غضبا شديدا، ونظر في وجه العباس، وقال: سوءة لك! أيّة حال قعدت بك عن إثابته؟ أقلّة مال؟ فو الله لقد نولتك جهدى، أم