يتململ على فراشه، يعاقب بين شقّيه، مرّة هكذا، ومرّة هكذا، من لحاجته؟ فخطرت بباله أنا أو غيرى، فمثّل أرجاهم في نفسه، وأقربهم من حاجته، ثم عزم علىّ، وترك غيرى، قد انتقع لونه، ودهب دم وجهه، فلو خرجت له مما أملك لم أكافئه، وهو على أمن منّى عليه، اللهم فإن كانت الدنيا لها عندى حظّ فلا تجعل لى حظّا في الآخرة.
وقال أكثم بن صيفىّ: كلّ سؤال وإن قلّ، أكثر من كلّ نوال وإن جلّ.
وقال علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه لأصحابه: من كانت له إلىّ منكم حاجة، فليرفعها في كتاب، لأصون وجوهكم عن المسألة.
وقال عبد العزيز بن مروان: ما تأمّلنى رجل قط، إلا سألته عن حاجته، ثم كنت من ورائها.
وقال حبيب
عطاؤك لا يفنى ويستغرق المنى ... وتبقى وجوه الراغبين بمائها
وقال أيضا
ما ماء كفك إن جادت وإن بخلت ... من ماء وجهى إذا أفنيته عوض
وقالوا: من بذل اليك وجهه، فقد وفّاك حقّ نعمته.
وقال معاوية لصعصعة بن صوحان: ما الجود؟ فقال: التّبرع بالمال، والعطاء قبل السؤال.
وقال أحمد بن محمد بن عبد ربّه
كريم على العلّات جزل عطاؤه ... ينيل وإن لم يعتمد لنوال
وما الجود من يعطى اذا ما سألته ... ولكنّ من يعطى بغير سؤال